Friday, June 29, 2007

فضاءات


Align Centerمدن إبداعـــــــية

كتبت في هذه الزاوية، خلال صدورها لأول مرة، مقالا عن المدن الافتراضية في المستقبل، وفوجئت بأن المدن الافتراضية لم تعد مجرد خيال، وإنما أصبحت واقعا افتراضيا، يمكن لأي شخص أن يدخل إليه ويختار لنفسه اسما افتراضيا ويدخل ليمارس حياة افتراضية كاملة، وهي فكرة جديرة بالتأمل كما سنرى في الموضوع المنشور في هذه الصفحة.
لكني هنا لا أود التحدث عن العالم الافتراضي إلا من زاوية المدن الإبداعية، بمعنى أنني أستطيع أن أتصور أن مدينة مثل باريس هي مدينة إبداعية بامتياز، ليس لأنها تمتلك المقومات التي تجعل منها مكانا إبداعيا مثل المتاحف، ودورا لعرض والمسارح، والإصدارات الثقافية، وأماكن الترفيه، والمقاهي. لا ليس لهذا فقط، وإنما لأنها مدينة تحفز الإنتاج الإبداعي، لأن الثقافة جزء من هوية البلد، ولأن إنتاج الثقافة جزء مهم جدا من الإنتاج الاقتصادي في المجتمع. ولأن السياحة أيضا ترتكز على الثقافة في بلد مثل فرنسا، وبالتالي فهي تمتلك كل شروط المدينة الإبداعية، من الحرية التي يبدأ منها جذور الإبداع وصولا للتشريعات مرورا بالمناخ العام ودور النشر والجوائز والمعارض الدورية ..إلخ.
لكن هل يمكن اعتبار مدينة مثل القاهرة مدينة إبداعية؟ فكرت كثيرا، واكتشفت أننا إزاء حالة استثنائية، فالقاهرة للأسف، لم تعد مدينة إبداعية، لكنها كانت كذلك، ولو أنني قررت أن أبتكر مدينة القاهرة افتراضيا بالشكل الذي أتمنى أن تكون عليه لكي تكون مدينة إبداعية، لما احتجت للخيال بقدر احتياجي لإعادة تمثل قاهرة الأربعينات والخمسينات، بمسارحها، ودور النشر فيها، وزخم مبدعيها كتابة، وغناء وتأليفا وتلحينا وتمثيلا وفكرا، واستوديوهات السينما، والفتيات الجميلات اللائى مثلتهن "فاتن حمامة" بفستانها الذي يصل للركبة بلا أكمام، فلا تثير حسية من أي نوع، على عكس ما يشيع الآن من حالة حسية كامنة في الوجوه والعيون والأجساد، التي تختفي كثير منها تحت حجب عدة.
الشفافية والليبرالية اللتان ميزتا القاهرة في عز زخمها الإبداعي استبدلتا بالازدواجية وشيوع الكبت والمنع والمصادرة وثقافة التحريم. ترييف القاهرة حولها من الإبداع إلى النقيض. ومع ذلك فهناك بشائر، نتمنى أن تكون نسمات تعيد القاهرة لسابق عهدها، لا مجرد هبة خماسينية، لا نرجو بعدها أن نعيش إلا في نموذجها الافتراضي، نموذج الأحلام.

2 comments:

حـدوتـة said...

منور الفضاء الإفتراضي الإبداعي يا إبراهيم :)

ibrahim said...

ألف شكر يا حدوتة
انت اللي منورة البلوج والله