مونرو..الروح أم الجسد؟
أصبحت المواقع الإلكترونية على الإنترنت بمثابة أرشيف موثق للكثير من الأحداث، ولكثير من الشخصيات، التاريخية والسياسية والأدبية والفنية وغيرها. وعلى ذكر الشخصيات الفنية فعلى تعدد الشخصيات التي تحظى مواقعها بأعداد كبيرة جدا من المتصفحين، فمن بين هذه الفئة،خاصة الفنانات اللائي يتمتعن بالجاذبية والإثارة، تظل نجمة الإثارة الراحلة مارلين مونرو على رأس القائمة رغم مرور عدة عقود على رحيلها.
وربما ان محاولة المقارنة بين مونرو وأي شخصية معاصرة لن تكون سهلة، بمعنى أن المقارنة ستكون عادة في صالحها. وهذا ما جعلني، بعد عدد من المقارنات أتساءل عن سر مارلين مونرو: لماذا تحتل هذه المكانة والإعجاب الذي ينتقل للأجيال، جيلا بعد آخر؟ هل المسألة تتعلق، فقط، بكونها قدمت نموذج الفتاة المثيرة الساخنة، والقادرة على إغواء الرجال؟ أم أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير؟
أعتقد أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، فصحيح أن مونرو تربعت عرش النجومية بلا منازع كنجمة شباك في أفلام هوليوود، كما عرفت بتعدد علاقاتها التي تجاوزت دائرة النجوم والممثلين إلى مجال الكتاب المرموقين حيث تزوجت من المؤلف الشهير آرثر ميللر، ثم تعدت علاقاته كل ذلك إلى دوائرالسياسة وصولا للرئيس الأمريكي الراحل كينيدي. وصحيح أيضا أن انتحارها في ذروة تألقها أبقاها في المخيلة الجماعية شابة حية ومتألقة، وأثار الكثير من اللغط حول ظروف انتحارها.
لكن ما لا يتحدث عنه أحد أن نموذج الفتاة الدمية البلهاء الذي دأبت هوليود على ترسيخه في أذهان الجمهور، هو لا أصل له في الواقع، لأن الرجال الذين ارتبطت بهم لم يكن معروفا عنهم البحث عن مثل تلك الدمى الشهوانية. كما أن تحلق الجمهور حولها كان مشوبا بهالة من الإعجاب، حافظت عليه بذكائها.
وفي الكتاب الذي نشره طبيبها النفسي من تسجيلات الشرائط التي كان يسجلها لها في جلسات العلاج يمكن أن نلاحظ، بلا كثير من الفطنة، أننا إزاء سيدة بالغة الذكاء، والعاطفية، والنضج، والخبرة في الحياة. وأنها أبدا ليست دمية ولم تكن. وأن كل هذه الأسباب هي التي تجعلها،حتى هذه اللحظة، تعيش في ذاكرة الجمهور. وخيالهم، رغم محاولات تجار الأيقونات الذين حاولوا أن يقيدوها داخل أطر وقيود البراويز وإطارات الصور، بينما هي ترسم ابتسامتها الذكية، التي تجمع الشجن بالمكر والإغواء بالبراءة كأنها تأبى على نفسها الابتذال. ترضخ للصورة بينما تعرف أن روحها، التي تتوهج في نظرة عينيها، هي التي ستجعل الجمهور يتذكرها بلا شهوة أو شبق، على عكس كل من حاولن تقليدها بابتذال.
إبراهيم فرغلي
نشرت في 9 يونية 2007
No comments:
Post a Comment