Saturday, June 23, 2007

الإثارة الإلكترونية




الإثارة الإلكترونية بين مونرو وموس





لفت انتباهي وأنا أطالع موضوعا عن غرف الكتاب نشرته صحيفة الجارديان قبل نحو أسبوعين أن الكاتب البريطاني حنيف قريشي أشار في وصفه للغرفة إلى صورة مثيرة ل"كيت موس"، وتصورت، في البداية، أنها مطربة بوب بريطانية، لكني بالصدفة كنت أتابع أحد المواقع الإخبارية وعرفت أنها موديل وعارضة أزياء من أشهر عارضات أوروبا وبريطانيا على نحو خاص، وأنها شاركت أيضا في تصوير مجموعة من الفيديو كليب الخاصة بأشهر نجوم الغناء وبينهم "السير إلتون جون"، كما أنها تصدرت بصورها أغلفة 300 مجلة من أشهر المجلات الفنية والمختصة بالأزياء في العالم.
وهي ايضا من أكثر الشخصيات الشهيرة تعاونا ومشاركة في المشروعات الخيرية، بالجهد والتمويل. واخيرا هي الآن أشهر مصممة أزياء بريطانية، وقد أثار افتتاح معرضها الأخير لأحدث تصميماتها ختناقات مرورية بسبب اصطفاف الجمهور في طابور طويل لمشاهدة العرض.
كنت في الأثناء أتساءل عن سر اهتمام كاتب مثل قريشي بصورة موس، وأنا أعود بذاكرتي إلى بعض الصور الشهوانية لمطربة البوب مادونا خلال فترة المراهقة لعدد من أصدقائي وفي غرفتي. وتبينت أننا الجيل الذي كان يبحث عن صورة عصرية لأيقونة الجيل السابق علينا ممثلا في مارلين مونرو، التي تربعت على العرش بلا منافس.
قارنت بين صورة موس ومونرو وتبينت أولا أن البريطانيين ينحازون إلى أيقونات من ثقافتهم، ويتجنبون الأيقونات الأمريكية، كما أن الذوق الآن يميل لتفضيل النحافة كرمز للأنوثة مقارنة بالجسد اللين الشائع في الستينات، والذي جسدته مونرو على القمة.

وهذا كله يمكن تفهمه بلا جهد، لكن اللافت أن نظرة عيني موس تخلو من ذلك المزيج الفاتن من الذكاء المختلط بالإغواء، ومن بريق الفتنة التي لا يمكن أن تغفل أن هذا الجمال يسيطر عليه عقل جميل.
وهو ما تأكد لي عندما طالعت الموقع الخاص بمارلين مونرو الذي تتصدره مقولة لها تقول فيها:" هوليود هي مكان يدفعون لك فيه ألف دولار من أجل قبلة، و50 سنتا فقط من أجل روحك" . لهذا ففي تأملي لصور مونرو كنت ارى في ابتسامتها المغوية استخفافا خفيا لا تستطيع إخفاءه وهي تحدق لعين مصورها عبر عدسة الكاميرا، بينما موس لا تهتم إلا بالصورة كنموذج، وكتشكيل مالي، يخلو من وهج الروح الذي اتسمت به صور مونرو اتي "تطل فيها علينا بنظرات تبدو كأنها تحاول أن تنفذ لروح من يشاهدونها. ولعل هذا ما جعلها أكثر امرأة وقفت أمام عدسات الكاميرا في التاريخ المعاصر، وأيقونة الإغواء للقرن العشرين، لكن ذلك لم تصنعه مواصفات جسدية وملامح فاتنة فقط، وإنما عقل جميل، توجهه روح أخفت مشاكلها النفسية والعاطفية المعقدة وبؤسه طفولتها أمام العدسات واحتفظت بها لنفسها ولطبيبها النفسي حتى أفلت في ذروة شبابها.

إبراهيم فرغلي

نشرت في المدونة في 9 يونية 2007

No comments: