Saturday, June 23, 2007

المدونات الحســــــية



ثقافة أم استعراض؟
من إيجابيات ظاهرة المدونات أنها تغلق باب الكبت، وتعطي الفرصة للشباب أن يعبروا عما يدور في أذهانهم، وهو
ما عبر عنه الكاتب الصحفي القدير سلامة أحمد سلامة في الحوار الذي أجرته معه الزميلة دينا توفيق بإحدى الصحف المستقلة الأسبوع الماضي.
وهذا صحيح في الواقع، فالمدونات، شئنا أم أبينا، تبدو كمتنفس لكثير من المكبوتات التي كانت حكرا على الصدور والمجالس الخاصة، وربما دفاتر الخواطر والمذكرات في الماضي. لكن بعض هذا المكبوت يتعارض مع سياق الخواطر الشخصية ليدخل باب الاستعراض وخاصة في بعض المدونات أو البلوجز التي تتوسل شكل المدونة لتبث صورا خليعة، أو تروي قصصا إباحية، تفتقر للأدب (بمعناه الفني وليس الأخلاقي)، ولا تفرق بين الكتابة الإيروتيكية الحسية التي تنحاز للمعنى الإنساني، وبين البورنوغرافية التي تتحيز للشهواني المثير الذي يركز على الغرائز بشكل مفتعل، ومبتذل، يعكس هوسا جنسيا وكبتا شبقيا مرضيا في آن.
ولا تقتصر هذه المسألة على عالمنا العربي، وإنما تتجاوزه للغرب، فبينما توجد بعض المدونات الغربية والأمريكية التي تقوم فيها بعض الفتيات باستعراض جوانب من حياتهن الشخصية، وبينها حياتهن العاطفية والحسية، فهناك زوجات يسردن أيضا يومياتهن بما فيها أزماتهن العاطفية، والملل الجنسي من أزواجهن، وكيف يحاولن التغلب على ذلك بتجديد أسلوب الحياة والممارسة العاطفية الحسية، أو يسردن بعض المغامرات العاطفية التي يلقين بأنفسهن فيها، إما في إطار سري، أو حتى غير سري، وبالرغم من أن هذه الظواهر بها بعض السلبيات الأخلاقية، أو يمكن إدانتها أخلاقيا بشكل مباشر، إلا أنها تظل مقيدة بأطر الظروف الاجتماعية وضغوط الحياة، ويمكن مناقشتها من هذه الزاوية، لكن هناك مدونات أخرى تبدو إباحية تماما، لا تهتم إلا بالشهوة والغريزة في شكلها المطلق. وهو ما أصبح مثار تعليقات وانتقادات إعلامية في الصحافة الغربية.
أما الظاهرة الثانية التي تناولتها بعض وسائل الإعلام الغربي مؤخرا فهي تتعلق ببعض من يستخدمون الإنترنت للكتابة عن تجاربهم الحسية، ويكشفون في نفس الوقت هوية من يمارسوا معهم هذه العلاقة دون أن تعرف تلك الأطراف الأخرى ذلك، مما يتعارض مع أعراف حفاظ الأشخاص على خصوصياتهم.
أما المؤكد فهو اختلاف الظاهرة ومعناها في ثقافتنا العربية عنها في الغرب، فمن الواضح أن فكرة إشاعة أو فضح العلاقات الخاصة ليس واردا في المدونات العربية، حتى لو كانت هناك بعض الاستثناءات، لكن السؤال هو هل يمكن أن تكون هذه الخبرات وسيلة لحل المشكلات العاطفية والجنسية في مجتمعات شاعت فيها أمية ثقافية وجنسية لسنوات، أم أنها لن تزيد الطين إلا ابتلالا ووحلا؟ ربما تعرف الإجابة طريقها في المستقبل القريب، أو أن تحث على إشاعة الثقافة الجنسية بشكل موضوعي وشرعي عبر القنوات الإعلامية بشكل أكثر تنظيما وموضوعية.
إبراهيم فرغلي

الحياة الحميمة الخاصة بين التلميح والتصريح
" هناك الآن عدة آلاف من الأشخاص حول العالم من مستخدمي البلوجز الذين يستعرضون التفاصيل الخاصة بحياتهم الجنسية بالشكل الذي يجعل بيرجيت جونز تحمر خجلا، وبينما لا تعد كتابة الخواطر الصريحة شيئا جديدا، فإن التكنولوجيا الجديدة تتيح الآن نشر قصص عن الجنس مع الغرباء أو زملاء العمل، أو حتى مع الأصدقاء والشركاء العاطفيين متاحة للآخرين لقراءتها في بقية أرجاء العالم في ثوان معدودة"..هكذا يشير تقرير صحفي نشرته وكالة رويترز حول استخدام المدونات الأجنبية في الكتابة عن الخبرات الجنسية بشكل مكشوف.
" لا أعتقد أن هناك جديدا في الحديث عن الجنس، ما تغير فقط هو الوسيلة التي يتم فيها تناول الموضوع" هذا ما تقوله "آبي لي" التي تعد واحدة من أحد أشهر المدونين البريطانيين عن الجنس وتضيف أن شبكة الإنترنت أصبحت تقدم وسيلة سهلة للقراءة والكتابة حول الموضوع.
يشير التقرير إلى البلوجز بوصفها مواقع شخصية يمكن للأشخاص أن يدونوا بها مذكراتهم ويومياتهم، والتعليق على الأحداث الجارية، أو الارتباط بوصلات لمواقع أخرى تتناول موضوعات شبيهة أو تتضمن صورا، وتشير الإحصاءات الخاصة بقوائم المدونات أن هناك نحو سبعة ملايين مدونة حول العالم تهتم بالجنس والعلاقات الحسية بشكل من الأشكال.
وقد أدى تنامي الظاهرة إلى شيوع نوع من الجدل والنقاشات الأدبية والأخلاقية والقانونية حول مدى التعارض بين مفاهيم حرية التعبير والتعرض لخصوصية أشخاص يتم تناولهم دون أن يعرفوا في تلك الموضوعات.
وكانت المدونة الأمريكية جيسيكا كالتر قد تعرضت لدعوى قضائية بعد أن نشرت على الإنترنت قصص علاقاتها مع بعض الرجال في أثناء عملها كمساعدة لدى أحد أعضاء مجلس الشيوخ، مما اضطر أحد هؤلاء الأشخاص لرفع دعوى قضائية يتهمها فيه باختراق خصوصياته، وبعد انتهاء قضيتها نشرت كتابا حول الفترة التي قضتها في مجلس الشيوخ، وبعدها وافقت على أن تنشر صورا عارية لها في مجلة بلاي بوي.
وفي حوار صحفي أجرته معها صحيفة الواشنطن بوست قالت: " أنه لمدهش أن تلتقي بعض هؤلاء الأشخاص المتمين بهذه الفضائح الجنسية الوضيعة..يبدو الأمر وكأنهم مندهشون من وجود عاهرة في مثل تلك الأماكن، هناك بالفعل الملايين منهن"!
إن الحرية في استخدام البلوج للتعبير عن أي رأي هو نوع من المزايا الملتبسة، كما تقول الدكتورة بيترا بوينتون، فأنت لا تعرف إذا ما التقيت شخص ما إذا ما أنه سيدون ما يدور بينكما أم لا، ولا توجد هناك أية قواعد إرشادية أو كتب تقدم لك الطريقة الصحيحة للتدوين.
أما المدونة البريطانية آبي لي فتقول: كتاب المدونات لا بد أن يمتلكوا التوازن الذي يتيح لهم الحفاظ على خصوصية هوية الأشخاص الآخرين، خاصة عندما يكونوا من الكتاب الذين يوقعون بأسمائهم الشخصية الحقيقية. ولذلك ، ولأنني أحافظ على هذه القاعدة فإنني لا أبالي إذا ما كانوا يعرفون أنني أكتب عنهم أم لا، ولا أهتم بتقديرهم لي بناء على ما أكتبه، ولا بضغط مواجهة انطباعات الناس بأنني أقدم نوع من الاستعراض الجنسي لمجرد أني امرأة.
ووفقا لتقرير رويترز تشير لي إلى أحد المدونين البريطانيين المقيم في الصين، والذي كتب ما اعتبره البعض محاولة لإغواء أنثى في الصين، وواجه انتقادات القراء على مدونته الذين واجهوه بنتقاداتهم، وسرعان ما أثير الموضوع في الصحافة وأثار عددا من ردود الفعل، بالرغم من أن أحدا لم يستطع كشف شخصية المدون الحقيقية، وعلقت بعض الجهات الدينية على الموضوع محذرة من سوء استخدام الإنترنت، ومن كونه قوة يمكن إساءة استخدامها وخاصة فيما يتعلق بالتحرش الجنسي بالأطفال.
أما بالنسبة لمستخدمي الإنترنت فإن ردود أفعالهم مختلفة إذ يؤكدون أن الإنترنت في الأساس يمثل أحد وسائل الترفه، والتثقيف، والتعليم، وحتى فيما يتعلق بالجنس، فهو وسيلة لتناول موضوع بالغ الحيوية لا تهتم به قنوات الإعلام النمطية على وجه الإطلاق.
وتناول التقرير رأي إحدى السيدات التي تعمل في صناعة الجنس في بريطانيا ولها مدونة تكتب فيها عن خبرتها إذ تقول: أنا لا أعتقد أن هناك شخص واحد في أوروبا كلها وشمال أمريكا في عمر أقل من 60 عاما ما زال يعتبر مثل هذه الأمور نوعا من الخصوصية. بالنسبة لي كل ما أرته هو أن أكتب دون أن أعلن عن هويتي حول عملي في صناعة الجنس البريطانية.
أما الكاتبة المتخصصة في الثقافة الجنسية سارة هيدلي فتقول أن من يكتبون عن الجنس، ليس لديهم سوى قابلية ورغبة وخيال، فليس كل ما يكتب عن الجنس هو حقيقي.
ويشير التقرير أنه بعيدا عن هذا الجدل فالثابت ان الإنترنت له دور كبير في تقديم الثقافة الجنسية، والتربية العاطفية، خاصة في دول العالم النامي الذي يعاني من قلة المصادر التثقيفية المتاحة.
إلا أن السؤال المهم الذي تطرحه الدكتورة بوينتون له وجاهته أيضا فهي تقول: هل ساهم مناخ الحرية الجنسية الذي يعيشه الغرب في حل المشكلات الجنسية في المجتمعات الغربية، والإجابة هي: أنه بالرغم من كل مظاهر التحرر وحرية التعبير عن الرغبات الجنسية والحديث عن الرغبة والاحتياجات العاطفية إلا أن المجتمعات الغربية بشكل عام ما زال الكثير من أفرادها يعانون من العديد من المشكلات الجنسية المرضية، ولا يتمتعون بالصحة النفسية
والجسدية والجنسية التي كان يتمتع بها أجيال الأجداد في أوروبا وأمريكا على السواء.
إبراهيم فرغلي

No comments: