مجد الرسائل!
هل يتسبب الإنترنت والبريد الإلكتروني في انتهاء عصر الرسائل والخطابات؟ هكذا سألت نفسي إثر وصول رسالة إلكترونية من صديق حول بعض المظاهر المعاصرة للحياة، ونمطها الشائع مثل الفزع الذي يصيبنا إذا نسينا هواتفنا المحمولة في المنزل. أو الوقت الذي نتصفح فيه الصحف على الحواسب الآلية وغيرها.
عدت بذاكرتي إلى الوقت الذي كان التواصل فيه يتم بين الأصدقاء بالمكاتبات الورقية، عبر خطابات ورسائل، باستخدام الورق وأقلام الحبر، إذ ذاك كان في الرسائل شيئا حميما وخاصا. تفيض الرسالة بالأشواق والعواطف القوية، ربما للإحساس الذي يتولد من التفكيرفي أن الرسالة موضوعة في مظروف أنيق، ستنتقل إلى صندوق البريد، ومنها إلى المطار لتنقل على طائرة، إلى بلد آخر، ثم تصل أخيرا إلى يد مستقبلها.
الآن، تصل الرسالة في ثوان معدودة مكتوبة ومنمقة بخط نمطي، ويمكن لقارئها أن يرسل رده أيضا في أقل من دقيقة. لذلك ربما فقدت الرسائل مهابتها وقيمتها العاطفية. أصبحت مستهلكة، لاهثة، عملية، مكررة، وغير مشحونة بأي عاطفة.
وربما أن الرسائل التي كانت موضوعا له أهميته فيما يتعلق بكونها تراث الكتاب الكبار، والذي تناولته الصحف والدراسات، سيكون مجالا مندثرا في المستقبل، لأن الرسائل، ستكون أغلبها محفوظة في البريد الإلكتروني، ولعل أحدا لن يستطيع أن يرى الرسائل أبدا حال وفاة الشخص.
وبالتالي فإن الكثير من الخصوصيات التي انتهكت، والمشاعر المسكوت عنها، والعلاقات السرية، والمفاجآت التي كانت الرسائل سببا في كشفها لن تتكرر في المستقبل، خاصة بعد ذيوع الكمبيوترات الشخصية في كل مكان.
ولعل هذا ما يدفع بعض الكتاب لتوسل الرسائل، مرة أخرى في الأدب، ليجعل منها موضوعا يستعيد به مهابة الرسائل، ومع ذلك، فمن يدري، فربما سيكون المستقبل ايضا قادرا على انتهاك خصوصية الرسائل الإلكترونية، والوصول للمسكوت عنه فيها، وعندها ربما تتفجر ظاهرة جديدة عنوانها الخطابات الإلكترونية تفضح الأسرار.
No comments:
Post a Comment