مدونات "الأكثر مبيعا"
تحظى الروايات بشعبية جارفة في الغرب، خصوصا في الولايات المتحدة التي تتمتع الروايات البوليسية وروايات الجريمة فيها بشعبية جارفة، حيث توزع الكتب بملايين النسخ. وهناك كُتّاب مثل ستيفن كينج تتصدر كتبهم قوائم الأكثر مبيعا على مدار العام، والقائمة تضم عددا من الكتاب الذين يعدون من أصحاب الملايين بسبب مبيعات كتبهم.
في المقابل هناك كتاب لهم شعبية مماثلة يكتبون أدبا، له بعض سمات أدب الجريمة، لكنه يميل للتخييل والحبكة الدرامية أكثر، ونموذجه مثلا الكاتب الأمريكي دان براون صاحب الرواية الشهيرة "شفرة دافنشي" التي فاقت مبيعاتها 50 مليون نسخة، لكن أغلب أعماله موجهة لجمهور القراء العوام وخاصة الشباب والمراهقين، خاصة أعماله التي عرف بها مثل: الحصن الرقمي، ملائكة وشياطين، وغيرها، والتي جسدت نموذج المسلسلات الدرامية المشوقة. لكنه بذل جهدا بحثيا كبيرا في شفرة دافنشي، واختار موضوعا مثيرا، كان له الدور الأكبر في الدعاية لهذه الرواية.
ظاهرة الكتب الأكثر مبيعا ارتبطت دائما بأنها كتب تسلية، تتسم بلغة بسيطة، غير مركبة، تعتمد على التشويق، وعلى عدد من الشخصيات الذين تتعقد حياتهم في سلسلة متشابكة من الأحداث.
هذه الروايات أقرب لأن تكون روايات تجارية تشبه المسلسلات الدرامية وأفلام الحركة، لكن هناك روايات أخرى تحظى بنفس الشعبية، لكنها تتوسل عوالم أخرى، مثل الأجواء الصوفية، أو عوالم الجبال والخلاء والبحث الروحي عن معنى الحياة والموت، والقدرية، وهذه أقرب ما يجسدها نماذج ما يكتبه الكاتب البرازيلي باولو كويلهو، في روايات مثل ساحر الصحراء، وبالقرب من نهر بيدرا جلست وبكيت، وفرونيكا تقرر أن تموت، وغيرها.
عادة ما تكون للدعاية دور كبير في تأكيد شعبية وجماهيرية مثل هذه الأعمال الأدبية، سواء عبر أقسام الترويج الخاصة بدور النشر، أو حتى بواسطة الكاتب نفسه مستخدما الوسائل الإعلامية، أو حتى موقعه الشخصي على شبكة الإنترنت.
أما على مستوى النقد، الصحفي أو الأكاديمي، فإن النقاد سرعان ما يميزون بين الأدب الحقيقي، وأدب الإثارة المشوق الذي لا يتضمن أية قيم أدبية رفيعة، ولهذا فمثل هؤلاء الكتاب لا يرشحون لجوائز أدبية رفيعة، كما أن قوائم الترشيح لجائزة نوبل تخلو من أسمائهم، لأنها تعتمد، أولا وأخيرا- رغم كل ما يشاع عن تسييسها والمرشحين لها- على القيمة الأدبية ومهارات اللغة والتجديد.
يحظى كوليو بشعبية جارفة، أسستها كتيبة من الدعاية والتسويق استخدمت أرقام التوزيع، وعدد الترجمات، وهي التي قدم بها كويليو نفسه لجمهور القراء، وهي نفس الوسيلة التي تم بها تقديمه عندما بدأت ترجمته للعربية عبر رواية ساحر الصحراء، لكن بعد تعدد ترجمة أعماله تبين أن أعمال كويليو مثلها مثل أغلب الأعمال الشعبية الخفيفة، تجتذب القاريء الباحث عن التشويق واللغة البسيطة . لكنه يدخل مناطق نفسية وروحية تعجب الكثيرين.
في المنطقة العربية انضم الكاتب علاء الأسواني إلى قوائم الكتاب الأكثر مبيعا عبر روايته الشهيرة عمارة يعقوبيان، وتلتها رواية شيكاغو. صحيح أن مبيعات كتبه لا تقارن بأي كاتب من الأكثر مبيعا في الغرب، لأنها في النهاية لا تزيد عن بضعة آلاف من النسخ (يقول علاء الأسواني في مدونته أنه باع 160 ألف نسخة في فرنسا)، لكنه يظل ظاهرة خاصة في مبيعات الكتاب العربي، بالرغم من كلاسيكية عمليه، وسماتهما التشويقية.
بتأمل المواقع الشخصي، أو المدونة، الخاصة بأي من كتاب الأكثر مبيعا أجد أن هناك سمة عامة مشتركة، وهي سمة الدعاية؛ التي تظهر، مثلا، في مدونة علاء الأسواني عبر الحوارات التي تمجد في عمله، والتي يحرص فيها جميعا أن يؤكد أرقاما للتوزيع(هذه الظاهرة لا يقوى عليها بين كتاب العالم سوى الأسواني وباولو كويليو، فغيرهما من الكتاب يتركون شؤون التسويق لدور النشر)، ولا تجد مناقشة لظاهرة أدبية، أو قيم أدبية من أي نوع، وبالتأكيد أيضا لا تضم المدونة أي قراءة نقدية قد يلوح بها أي نقد موضوعي يضم الإيجابيات والسلبيات معالأعماله.
ستجد أيضا أن موقع باولو كويليو يحرص على جانب الاتصال الشخصي بين الكاتب والجمهور، عبر مواد للمناقشة، والإجابة عن تساؤلاتهم، وتأكيد طابع العالمية من حيث وجود أكثر من لغة يمكن بها قراءة مواد الموقع الشخصي لكويليو.
الميزة الأساسية لكتاب الأكثر مبيعا في الغرب أنهم لا يدعون شيئا، فكل كاتب منهم يعرف حدود موهبته، والجمهور الذي يريد اجتذابه، ولا يمكن لكاتب مثل دان براون أن يقارن نفسه بكاتب مثل فيليب روث، أو بول أوستر مثلا، كما لا يمكن لأي ناقد أن يتعامل مع أعمال باولو كويليو بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع أعمال ماركيز، أو بورخيس، أو يوسا. أما في المنطقة العربية فلا يوجد نقد، ولا حركة ثقافية صحية من أي نوع، ولا يبقى لدينا سوى الزمن الذي لا يرحم أحدا، ولا يبقي في ذاكرته إلا من يستحق. فالأسماء، تذهب، ولا يبقى سوى الأدب.
www.danbroen.com
www.paulocoelho.com
تحظى الروايات بشعبية جارفة في الغرب، خصوصا في الولايات المتحدة التي تتمتع الروايات البوليسية وروايات الجريمة فيها بشعبية جارفة، حيث توزع الكتب بملايين النسخ. وهناك كُتّاب مثل ستيفن كينج تتصدر كتبهم قوائم الأكثر مبيعا على مدار العام، والقائمة تضم عددا من الكتاب الذين يعدون من أصحاب الملايين بسبب مبيعات كتبهم.
في المقابل هناك كتاب لهم شعبية مماثلة يكتبون أدبا، له بعض سمات أدب الجريمة، لكنه يميل للتخييل والحبكة الدرامية أكثر، ونموذجه مثلا الكاتب الأمريكي دان براون صاحب الرواية الشهيرة "شفرة دافنشي" التي فاقت مبيعاتها 50 مليون نسخة، لكن أغلب أعماله موجهة لجمهور القراء العوام وخاصة الشباب والمراهقين، خاصة أعماله التي عرف بها مثل: الحصن الرقمي، ملائكة وشياطين، وغيرها، والتي جسدت نموذج المسلسلات الدرامية المشوقة. لكنه بذل جهدا بحثيا كبيرا في شفرة دافنشي، واختار موضوعا مثيرا، كان له الدور الأكبر في الدعاية لهذه الرواية.
ظاهرة الكتب الأكثر مبيعا ارتبطت دائما بأنها كتب تسلية، تتسم بلغة بسيطة، غير مركبة، تعتمد على التشويق، وعلى عدد من الشخصيات الذين تتعقد حياتهم في سلسلة متشابكة من الأحداث.
هذه الروايات أقرب لأن تكون روايات تجارية تشبه المسلسلات الدرامية وأفلام الحركة، لكن هناك روايات أخرى تحظى بنفس الشعبية، لكنها تتوسل عوالم أخرى، مثل الأجواء الصوفية، أو عوالم الجبال والخلاء والبحث الروحي عن معنى الحياة والموت، والقدرية، وهذه أقرب ما يجسدها نماذج ما يكتبه الكاتب البرازيلي باولو كويلهو، في روايات مثل ساحر الصحراء، وبالقرب من نهر بيدرا جلست وبكيت، وفرونيكا تقرر أن تموت، وغيرها.
عادة ما تكون للدعاية دور كبير في تأكيد شعبية وجماهيرية مثل هذه الأعمال الأدبية، سواء عبر أقسام الترويج الخاصة بدور النشر، أو حتى بواسطة الكاتب نفسه مستخدما الوسائل الإعلامية، أو حتى موقعه الشخصي على شبكة الإنترنت.
أما على مستوى النقد، الصحفي أو الأكاديمي، فإن النقاد سرعان ما يميزون بين الأدب الحقيقي، وأدب الإثارة المشوق الذي لا يتضمن أية قيم أدبية رفيعة، ولهذا فمثل هؤلاء الكتاب لا يرشحون لجوائز أدبية رفيعة، كما أن قوائم الترشيح لجائزة نوبل تخلو من أسمائهم، لأنها تعتمد، أولا وأخيرا- رغم كل ما يشاع عن تسييسها والمرشحين لها- على القيمة الأدبية ومهارات اللغة والتجديد.
يحظى كوليو بشعبية جارفة، أسستها كتيبة من الدعاية والتسويق استخدمت أرقام التوزيع، وعدد الترجمات، وهي التي قدم بها كويليو نفسه لجمهور القراء، وهي نفس الوسيلة التي تم بها تقديمه عندما بدأت ترجمته للعربية عبر رواية ساحر الصحراء، لكن بعد تعدد ترجمة أعماله تبين أن أعمال كويليو مثلها مثل أغلب الأعمال الشعبية الخفيفة، تجتذب القاريء الباحث عن التشويق واللغة البسيطة . لكنه يدخل مناطق نفسية وروحية تعجب الكثيرين.
في المنطقة العربية انضم الكاتب علاء الأسواني إلى قوائم الكتاب الأكثر مبيعا عبر روايته الشهيرة عمارة يعقوبيان، وتلتها رواية شيكاغو. صحيح أن مبيعات كتبه لا تقارن بأي كاتب من الأكثر مبيعا في الغرب، لأنها في النهاية لا تزيد عن بضعة آلاف من النسخ (يقول علاء الأسواني في مدونته أنه باع 160 ألف نسخة في فرنسا)، لكنه يظل ظاهرة خاصة في مبيعات الكتاب العربي، بالرغم من كلاسيكية عمليه، وسماتهما التشويقية.
بتأمل المواقع الشخصي، أو المدونة، الخاصة بأي من كتاب الأكثر مبيعا أجد أن هناك سمة عامة مشتركة، وهي سمة الدعاية؛ التي تظهر، مثلا، في مدونة علاء الأسواني عبر الحوارات التي تمجد في عمله، والتي يحرص فيها جميعا أن يؤكد أرقاما للتوزيع(هذه الظاهرة لا يقوى عليها بين كتاب العالم سوى الأسواني وباولو كويليو، فغيرهما من الكتاب يتركون شؤون التسويق لدور النشر)، ولا تجد مناقشة لظاهرة أدبية، أو قيم أدبية من أي نوع، وبالتأكيد أيضا لا تضم المدونة أي قراءة نقدية قد يلوح بها أي نقد موضوعي يضم الإيجابيات والسلبيات معالأعماله.
ستجد أيضا أن موقع باولو كويليو يحرص على جانب الاتصال الشخصي بين الكاتب والجمهور، عبر مواد للمناقشة، والإجابة عن تساؤلاتهم، وتأكيد طابع العالمية من حيث وجود أكثر من لغة يمكن بها قراءة مواد الموقع الشخصي لكويليو.
الميزة الأساسية لكتاب الأكثر مبيعا في الغرب أنهم لا يدعون شيئا، فكل كاتب منهم يعرف حدود موهبته، والجمهور الذي يريد اجتذابه، ولا يمكن لكاتب مثل دان براون أن يقارن نفسه بكاتب مثل فيليب روث، أو بول أوستر مثلا، كما لا يمكن لأي ناقد أن يتعامل مع أعمال باولو كويليو بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع أعمال ماركيز، أو بورخيس، أو يوسا. أما في المنطقة العربية فلا يوجد نقد، ولا حركة ثقافية صحية من أي نوع، ولا يبقى لدينا سوى الزمن الذي لا يرحم أحدا، ولا يبقي في ذاكرته إلا من يستحق. فالأسماء، تذهب، ولا يبقى سوى الأدب.
www.danbroen.com
www.paulocoelho.com
alaaalaswany.maktoobblog.com
No comments:
Post a Comment