بين الكتابة والتسويق
زرت المكتبة الخاصة بالكاتب جمال الغيطاني، في منزله، الأسبوع الماضي، ولست الآن في حل لذكر محتوياتها التي لا تقل بحال عن كونها كنزا حقيقيا . لكن ما أود أن أتوقف عنده هنا هو الصورة المهيبة التي يحتفظ بها الغيطاني إلى يسار المكتب الذي يجلس إليه، وهي صورة "الكبير" كما يسميه الغيطاني، وكما يعرفه أغلب الكتاب: "ديستويفسكي". هذا الكاتب الكبير الذي لم يخرج كاتب في العالم –كما أظن- إلا من معطفه. هكذا يجلس الغيطاني للكتابة تحت رقابة، وعناية، هذا الكبير، وهو في ظني ما يجعل من الكتاب مسؤولية إضافية تضاف إلى ما تتضمنه من مسؤولية تجاه الجماليات التي أسسها المبدعون الكبار على مدى تاريخ الكتابة.
تحيط بالغيطاني قواميس اللغة وكتب البلاغة الكبرى التي غرف منها لينحت لغته الخاصة، ومراجع قديمة، ونسخ عديدة من تفاسير القرآن، تقليديا وشيعيا، وغيره. وهي في النهاية مؤشر كبير على الجهد الذي يبذله . والذي تجلى في العديد من أعماله البديعة التي قرأت بعضها في مرحلة مبكرة مثل الزيني بركات و رائعته الكبيرة:التجليات، ورسالة في الصبابة والوجد، ويوميات شاب عاش منذ ألف عام . ووقائع حارة الزعفراني. ومنها ما قرأته في مراحل عمرية متقدمة مثل شطح المدينة ونوافذ النوافذ، ونثار المحو. وغيرها وصولا للزويل . وفي هذه الأعمال جميعا يتبدى الجهد الكبير الذي بذله الغيطاني في اللغة البديعة التي يستخدمها. ولعل هذا ما وصل القراء الأجانب منقولا إلى لغاتهم وساهم في نشر كتبه في كبريات دور النشر البريطانية التي تطبع بمئات الآلاف مثل بنجوين البريطانية، التي طبعت الزيني بركات قبل سنوات عدة، وفي ترجمات أعماله للفرنسية منذ مطلع الثمامينات في كبريات الدور الفرنسية، وذيوع أسمه كواحد من أهم الكتاب العرب المترجمين في فرنسا.
الغيطاني،ككاتب كبير؛ لم يذكر شيئا من هذا يوما، ولم يهادن، في نفس الوقت، في معركته الكبرى في انتقاد سياسات وزارة الثقافة، لكن ، ها هو أخيرا، يحصل على الجائزة التي تأخرت كثيرا: وهي جائزة الدولة التقديرية.
هذه الجائزة المستحقة تأخرت لأن الغرب التفت لأعمال الغيطاني منذ سنوات طويلة، بالتقدير والعناية، وأنا أعرف ذلك من علاقاتي بأصدقاء من خارج الوسط الثقافي من الفرنسيين يعرفون الغيطاني جيدا ويقرأون أعماله باهتمام.
هذا الجهد الكبير حققه الغيطاني بدأب، وهو يستمر في مشروعه، دون أن يلتفت إلى معايير التسويق التي يمارسها البعض، وبدون أن يسعى للترجمة التي سعت إليه، ولهذا فإن الغيطاني اليوم أحد الاسماء اللامعة التي يقرأها الغرب لفنياتها، ولخصائص جمالية، وليس بحثا – من القاريء الغربي- عن نمائم، أو تلصصا اجتماعيا، كما هو شأن بعض الروايات السعودية الجديدة التي يكتبها بعض الكتاب الشباب اللآن، وأستثني منها رواية الآخرون لصبا حرز، أو بعض روايات الأكثر مبيعا التي لا يمل كتابها ممن يعتمدون على التسويق من ذكر أرقام مبيعاتهم، يرهبون بها قارئا يعيش في مجتمعات متهمة بالجهل والأمية انعدام الرغبة والقدرة على الثقافة، وهؤلاء القراء الذين يتهافتون على مثل هذه الأعمال مثلما يتهافتون على كل السلع التي تخضع لبند "الموضة" يبتلون بالتسويق والترويج لما يحتاجونه ولا يحتاجونه .وهؤلاء انضم لقائمة مستهدفيهم الآن مروجو سلع الأدب الشعبي بقوة أرقام التوزيع، التي لا تعني شيئا لجودة الأدب، وبدخول مجال الدعاية كتاب مختصون في الاقتصاد والتاريخ يقرأون الأدب أخلاقيا.
دان براون يوزع أكثر من 50 مليون نسخة، وكذلك كويليو، لكن دوستويفسكي هو الذي تقاوم كتابته الزمن، ومثله كل الكتاب الكبار، مهما راجت الكتب الشعبية، وتم التسويق لها. صحيح أن في التسويق فائدة لاكتساب قاريء جديد، لكنها لا يمكن أن تغير القاعدة الأساسية بأن الكبير كبير، وأن الزبد يذهب هباء مهما كانت ثخانته!
إبراهيم فرغلي
الجوائز الإلكترونية
ثمة مفارقة لافتة تتعلق بالكيفية التي تتعامل بها الجوائز الأدبية العريقة العربية دعائيا عن طريق استخدام
الإنترنت، مقارنة بمثيلاتها في الغرب. هذا الاختلاف يظهر بسهولة في المواقع الإلكترونية للجائزة الغربية، بينما الشائع، في المقابل العربي، هو غياب هذا الموقع من الأساس. وإذا وجد فيبدو وكأنه تحصيل حاصل، وليس عن قناعة بأهمية محتواه في عالم يوصف بأنه عصر المعلومات.
الجوائز الأدبية العريقة مثلا منها جوائز الدولة التي تحظى باهتمام بالغ وتعتبر أرفع أوسمة التقدير التي يحصل عليها مبدع، والتي تتراوح مستوياتها بين التشجيعية والتقديرية وجائزة التفوق بالإضافة لما أضيف إليها قبل عدة أعوام مثل جائزة مبارك .
ورغم أن دورة جوائز الدولة الأخيرة شهدت نوعا من رضا المبدعين لأنها ذهبت للكثير من مستحقيها، إلا أنها كالعادة لم تخل من اللغط، والقيل والقال، خاصة بعد حجب الجائزة التشجيعية في القصة. لكن هذا اللغط احتل مساحة واسعة من الجدل على مدى السنوات الماضية عن اللجان المختارة لتحكيم الجوائز، وعن مدى أحقية من يحصلون عليها مقارنة بآخرين قد يعتبرهم البعض أكثر إسهاما، واستحقاقا لها، وهو ما يثير علامات استفهام عديدة حول مستوى اللجان.
هذه الجوائز، رغم عراقتها، لا يوجد لها موقع إلكتروني يمكن منه معرفة المعلومات الخاصة بأسماء من حصلوا عليها، على مر الدورات، وأسماء اللجان وجهات الترشيح وغيرها من المعلومات التقليدية المتعارف عليها في مثل هذه الحالات.
لكن إذا قارنا ذلك بموقع جائزة مثل جائزة نوبل، سنجد أنه لا يوجد وجه للمقارنة من الأساس، فالموقع مصمم بدقة ويحتوي كل المعلومات الخاصة بالحائزين على الجائزة في كل الفروع، والكلمات التي ألقوها خلال مراسم تسليم الجائزة، والحوارات التي أجريت مع كل منهم، بالإضافة إلى المعلومات التفصيلية الخاصة بكل منهم، وغيرها من التفاصيل. بالإضافة إلى تاريخ الجائزة وأسماء كل من حصلوا عليها منذ بداية إنشائها في الربع الأول من القرن الماضي. وغيرها وغيرها.
صحيح أن جائزة نوبل لها صبغة دولية، وهي أيضا ليست جائزة حكومية وإنما مستقلة، ولعل هذا مربط الفرس، فالحقيقة أن الجوائز العالمية كلها مثل نوبل وبوكرز وجونكور وأورانج وغيرها هي في غالبيتها جوائز مستقلة ترعاها مؤسسات أعمال، أو أفراد، أو شركات، ولها إدارة مستقلة.
ولذلك فبمقارنة الجوائز الحديثة نسبيا في العالم العربي مثل جائزة العويس، أو جائزة البوكر العربية، وجوائز الشيخ زايد أو جائزة مسقط والجائزة العالمية الجديدة التي أنشأتها قطر في الرواية وغيرها، أو حتى جائزة أهلية مثل جائزة ساويرس للأدب سنجد أنها مهتمة نسبيا بمثل هذه التقاليد، بالإضافة إلى حرصها على التعبير عن ذاتها دعائيا بالشكل اللائق على شبكة الإنترنت، صحيح أنها ليست بالشكل المطلوب بعد، لكن المؤكد أنها في الطريق.
فمع التغيرات التي تشهدها المجتمعات العربية، بدأت مؤخرا حركة لافتة لتشجيع المواهب الأدبية ،مع نمو الدعم الأدبي من جهة الأفراد، وتعدد الجوائز، وزيادة عدد المبدعين، هناك طفرة ملموسة في تشجيع الأدب والمبدعين الكبار والشباب في العالم العربي.
ولعله سيكون من صحيح القول في المستقبل القريب بدلا من تكلم لأعرفك أن يقال..قل لي كيف يبدو موقعك الإلكتروني أقل لك من أنت! أو أطلعني على موقع جائزتك لأعرف مكانتها.
المصريون القدماء أول من استخدم الأعضاء الصناعية
نشر موقع البي بي سي الإلكتروني خبرا عن وجود إصبع بشري صناعي تم اكتشافه في إحدى المومياوات مما يعتبر سبقا تاريخيا قد يكشف الكثير عن تطور الطب في مصر القديمة بشكل غير مسبوق، وفيما يلي نص الخبر.
يعتقد خبراء آثار بريطانيون أن إصبعا اصطناعية عثر عليها مربوطة إلى قدم مومياء مصرية قد تكون أول عضو بشري صنع لغرض عملي.
ويسعى فريق من جامعة مانشستر إلى البرهنة على أن "إصبع القاهرة" المصنوعة من الجلد والخشب، لم تصنع لغرض جمالي وحسب بل كانت بهدف المساعدة على المشي.
وسيصنع هذا الفريق نسخة طبق الأصل من هذه الإصبع، وسيثبتونها على أقدام متطوعين فقدوا الإصبع الكبرى.
وإذا ما صدقت فرضيتهم، فقد تحل الإصبع الأثرية محل قدم اصطناعية طبية صنعت في القرن الرابع قبل الميلاد، كأول عضو بشري صنع لأغراض طبية.
قدم كابوا الرومانية التي صنعت من البرونز، والتي كانت معروضة في الكلية الملكية للجراحة بلندن قد أتلفت في قصف للطيران الحربي الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية.
ويقول جاكي فينتش عضو الفريق البريطاني: " إن الإصبع صنعت مابين 1069 و 664 قبل الميلاد، فإذا وُفقنا في أثبات أن الغرض من صنعها وظيفي، فإننا سنعود بتاريخ الطب الاصطناعي 700 سنة إلى الوراء." وسيعمد فريق من العلماء في جامعة سالفورد، إلى إجراء أبحاث مماثلة على إصبع أثرية مصرية شبيهة بإصبع القاهرة لكنها أقدم، تعرض بالمتحف البريطاني.
هذه الإصبع التي يعتقد أنها صنعت ما بين 1295 و 664 قبل الميلاد، صُنعت من مادة ورقية دخل في إعدادها الكتان والصمغ والجبس.
ومثل "إصبع القاهرة" تحمل إصبع المتحف البريطاني أثار الاستعمال مما يدل على أن صاحبها استخدمها عندما كان على قيد الحياة، ولم تكن ضمن زينة التحنيط.
لكن وعلى عكس إصبع القاهرة، لم تكن أصبع المتحف البريطاني لدنة، مما قد يُشير إلى أنها كانت للزينة بالدرجة الأولى.
وقال جاكي فينتش: " إن إصبع القاهرة، هي الأكثر احتمالا لأن تكون أصبعا اصطناعية طبية، لأنها تتوفر على مفصل، كما تحمل أثارا استعمال وبلى أوضح. لقد رُكبت على قدم سيدة تراوح عمرها ما بين 50 و60 سنة. ويبدو من حالة القدم أن مكان البتر قد شفي تماما." وتعرض الإصبع في متحف القاهرة.
طه حسين..بورتريه لقراء "الجارديان"
نشرت صحيفة الجاردن البريطانية في نسختها الإلكترونية موضوعا عن الكاتب الرائد طه حسين، وقدم الملحق الثقافي تقريرا وافيا عن الدور الكبير الذي لعبه صاحب "الأيام" في الثقافة العربية، بعد مادة معلوماتية وافية عن تعليمه والشهادات التي حصل عليها، وإنجازاته، والمناصب التي التحق بها، واقتطفت واحدة من أهم مأثوراته" التعليم حق للجميع مثل الماء والهواء".
يكشف التقرير المتابعة الدقيقة من قبل العاملين في الحقل الأدبي بما يدور في العالم ، وصحيح أنه لا توجد إشارة لما تناولناه في هذه الصفحة الأسبوع الماضي عن قرار منع رواية الأيام من مقررات الدراسة في مصر.إلا أن توقيت نشر الموضوع يبدو له علاقة ما.
التقرير يتناول أيضا أعمال طه حسين، ويقدم موجزا للمؤثرات الثقافية التي أثرت فيه وفي أفكاره سواء من البيئة العربية مثل تأثير رفاعة الطهطاوي، أو من خلال المؤثرات الغربية. كما أشار إلى كتاب مذكرات السيدة سوزان زوجة الأديب الكبير الراحل.
يوميات دبي السرية!
هذا ليس عنوان موضوع وإنما عنوان مدونة بالإنجليزية مدونها يعيش في دبي، وهي تتراوح بين الخبرية والتحليل حسب الموضوعات التي تتناولها، فهي على سبيل المثال تتناول أخبارا مثل تعرض لراقصة باكستانية لحريق في منزلها بشكل خبري ومعلوماتي تماما، لكنها من جهة أخرى عندما تتناول موضوعا مثل الحرية في دبي، وتقارنها بمثيلتها في الولايات المتحدة في إشارة إلى المناخ الليبرالي الذي تتسم به الإمارة، وتنتقد أحيانا بعض الممارسات الرقابية التي قد تهز هذه الصورة عن مناخ الحرية في دبي، عندما تتناول قضية مثل هذه فإنها تنحو نحو التحليل، والعمق في التناول.
لكنها بشكل عام مدونة تتسم باللطف، وتهتم بالأخبار الغريبة والمثيرة أحيانا، مثل الجرائم الجنسية، والمفارقات،وأحيانا قصص ضياع بعض السياح الأجانب في الصحراء حين تناهز درجة الحرارة الخمسين، وتهتم بحكايات عن الزواج والعلاقات العاطفية والجرائم، وأيضا عن قضايا جدلية، لكنها تتسم بعدم الميل للثرثرة والتعليق بإيجاز. كما أنها تعطي فكرة عن الكثير من المدونات التي يكتبها مدونون يعيشون في دبي باللغة الإنجليزية مما يجعل منها مرجعا شاملا في هذا الشأن. وعنوانها هو: secretdubai.blogspot.com
لماذا يعيش الكتاب مع الرفيقات الخطأ
تحت هذا العنوان نشرت الجارديان تقريرا موسعا عن العلاقات العاطفية للكتاب، وعن قرارات الزواج التي يقررها الكتاب، وتكشف بالتحليل الموسع أن العلاقات الحقيقية التي مر بها الكثير من الكتاب الغربيين ليست بالضرورة هي العلاقات التي ارتبطوا بها بالزواج، أو في العلاقات الطويلة الممتدة.
هذا التقرير منشور في القسم الخاص بمدونات الكتب وكاتبته هي جين حنا، وفيه تلقي الضوء على الدور الذي تلعبه المرأة في حياة الكاتب، بشكل عام، وأهم نماذج العلاقات وأشهرها على الإطلاق، بطبيعة الحال، علاقة الكاتب والفيلسوف الفرنسي الأشهر جان بول سارتر برفيقته سيمون دي بوفوار.
وتلقي كاتبة التدوينة الضوء على مدى تأثر العلاقة بين الزوجين إذا كان كل منهما يمتهن الكتابة، وتضرب مثلا بزواج الكاتب الروائي روبرت أوين باتلر بزوجته إليزابث ديوبري عام 1995، والذي استمر بنجاح، وساهم في إنجاز كل منهما لعدد من الكتب، حتى حصل أوين على جائزة "بولتزر"، وهنا بدأت العلاقة في الهتزاز، إذ يبدو أن الزوجة لم تستطع تقبل حصول زوجها على الجائزة المرموقة. وهو ما يفتح الباب لمناقشة موسعة ستكون بين الموضوعات التي سوف تناقشها الصفحة الأسبوع المقبل.